الثامنة صباحًا
٤٥٥ كلمة
٠ تعليق

عن الانتباه إلى ما لا يُكتب في السياسات الداخلية

في الشركات الصغيرة، لا أحد يوزّع كتيب القيم في أول يوم. لا ورقة معلقة على الحائط تقول “هكذا نتعامل هنا”، ولا قسم موارد بشرية يُدير المزاج العام ويُرسل رسائل الرفاهية النفسية. لكن هذا لا يعني أن ثقافة العمل غير موجودة. بل يعني فقط أنها تتشكل بصمت… من الطريقة التي تتصرف بها كل يوم.

ثقافة العمل ليست شعارًا، بل سلوكًا

كل شركة — سواء أعلنت ذلك أم لا — تملك ثقافة. لكن في غياب الأقسام الرسمية، تصبح سلوكيات القائد هي القانون الصامت. كيف تتعامل مع الخطأ؟ كيف ترد على رسالة متأخرة؟ هل تُكافئ المبادرة؟ هل تتقبل النقد؟ هل تنسى أم تتذكّر التفاصيل الصغيرة التي تعني الكثير لمن يعملون معك؟ كل هذا يترسّب، ثم يتحول إلى جو عام. وهذا الجو، هو ما نسميه لاحقًا “الثقافة”.

في الشركات الصغيرة، كل شيء مكشوف

في المؤسسات الكبيرة، قد تتخبأ إدارة سيئة خلف شعارات براقة. أما في الصغيرة، فلا مكان للاختباء. لهذا، فإن أهم ما يمكنك فعله لبناء ثقافة صحية هو أن تكون صادقًا باستمرار. صادقًا في اعترافك حين تخطئ، وفي تواضعك حين لا تعرف، وفي شكرك حين يصيب أحدهم دون طلب.


يقول الباحث دان كويل في كتابه The Culture Code:


“الثقافة القوية تُبنى حين يشعر الناس بالأمان الكافي ليكونوا صادقين.”

خمسة عناصر بسيطة تصنع فرقًا كبيرًا

1. الوضوح من اليوم الأول
لا تتوقع من الناس أن “يفهموا لوحدهم”. حتى في أصغر الفرق، يجب أن تقول:
• ما تتوقعه منهم.
• وما يحق لهم توقعه منك.

2. الوقت المشترك ليس ترفًا
ساعة غير رسمية كل أسبوع — للحديث، لا للتقارير — تصنع فارقًا لا تصنعه 50 إيميلًا. فرق العمل التي تضحك معًا… تعمل معًا بشكل أفضل.

3. احتفل بالأشياء الصغيرة
ليس عبر حفل باهظ. بل بكلمة. برسالة. بعلبة شوكولاتة. هذه التفاصيل لا تُكلف شيئًا… لكنها تصنع شيئًا كبيرًا: الشعور بالتقدير.

4. افتح الباب للنقد دون عقوبة
أسوأ ما يمكن أن تفعله في شركة صغيرة هو أن تجعل الخطأ خيانة. كن الشخص الذي يمكن انتقاده دون أن ينتقم. وكن أول من يقول: “أنا من أخطأ هذه المرة.”

5. اجعل العمل معنى، لا فقط مهمة
حين يعرف الفريق لماذا نفعل ما نفعل، يصبحون شركاء، لا منفذين. الثقافة لا تُبنى على الرواتب، بل على المعنى المشترك.

حتى الرحيل جزء من الثقافة

كيف يخرج الناس من شركتك؟ هل يُحترمون؟ يُشكرون؟ أم يُنسَون بمجرد انتهاء التعاقد؟ طريقة الوداع تكشف الكثير عن الكرامة الداخلية للمكان. وفي الشركات الصغيرة، هذه التفاصيل تبقى في الذاكرة — وتُخبر من بقي كيف سيُعامل يومًا ما.

الثقافة ليست “شيئًا تبنيه ثم تتركه”. هي شيء تعيشه يوميًا، وتُعدّله، وتفكر فيه. هي الطريقة التي تقول بها “صباح الخير”، والطريقة التي تعتذر بها، والطريقة التي تستمع بها لشخص لديه مشكلة لم تُكتب في جدول الاجتماعات.
في غياب الهيكل الإداري، أنت — كقائد — الهيكل.
والشخص الذي تعمل معه، لن يهمّه كثيرًا كم مشروع أنجزتم،
بقدر ما سيتذكر:


“كيف كان يشعر وهو يعمل معك.”

شارك هذا الـمقال