الرابعة صباحًا
٤٢١ كلمة
٠ تعليق

ربما آن الأوان أن نتوقّف عن الشعور بالذنب، أو الفضول المفرط، تجاه وجود فتاة جميلة… ولا تعرف شيئًا تقريبًا.

لا تقرأ، لا تهتم بالأخبار، لا تفرّق بين الحرب الباردة ونزلة البرد، وتعتقد أن سقراط ماركة يونانية فاخرة.
هل هذا مُخجل؟ ربما.
لكن الأهم: هل هو مفاجئ؟ غير مبرر؟ غير مفهوم؟
في الحقيقة، لا.

دعونا نواجه الأمر كما هو: الجمال امتياز. ولأن العالم يستجيب له على الفور، فإنه – من حيث لا يدري – يُعفي صاحبه من ضرورة اكتساب مهارات أخرى.
الجميلة، منذ مراهقتها، لا تحتاج أن تقنع أحدًا. وجودها يكفي. الناس يعاملونها بلطف زائد، يُسامحونها على نسيان الأسماء، على نطق “تشايكوفسكي” خطأ، على الخلط بين فيينا وفينا.
حتى حين لا تفهم، هناك من يبتسم ويشرح. حتى حين تخطئ، هناك من يقول لها: “كيوت!”
بينما في الجهة المقابلة، في صفوف الذكاء الاجتماعي الطويلة، هناك من يقضي سنوات في تعلم الإقناع، وتحسين اللغة، وشحذ الحضور. لماذا؟ لأنه لا يملك تلك الأداة الفورية: الوجه، القوام، السحر البصري. لذا، الجهد ليس متكافئًا منذ البداية.

ليس ذنبها أن العالم كان لطيفًا معها.
وليس ذنبها أن الحياة لم تُجبرها على أن تصبح موسوعية، أو مثقفة، أو ساخرة بذكاء.
الذكاء ليس قيمة مطلقة. هو، أحيانًا، نتيجة عوز. حين لا يعفيك وجهك من التفسير، تصبح مضطرًا لأن تبرّر نفسك.
لكن الجميلة؟ هي مسبوقة بالقبول.
فلماذا، إذًا، نندهش حين لا تهتم بتراكم المعرفة؟
لماذا نعامل ذلك كفشل؟ كأن الجمال لا يُغتفر إلا إذا اعتذر عن نفسه بشيء آخر.

ثم إن “الغباء” هنا مفهوم مرن. هل نعني به الجهل؟ السطحية؟ قلة الوعي؟
من قال إن هذه الأشياء لا يمكن احتمالها إذا كانت مغلّفة بحس الدعابة، أو خفّة الروح، أو ببساطة… الجاذبية؟
هل كل ذكي ممتع؟
هل كل مثقف عميق؟
هل العمق دائمًا ميزة اجتماعية؟
ربما ما لا نقوله علنًا هو أننا نُحب الجميلة الغبية أحيانًا لأنها غبية.
لأنها لا تُهدد أحدًا. لا تنافس. لا تُربك النقاش. لا تصحّح المصطلحات في منتصف الحديث.
وجودها مريح. خفيف. بلا مقاومة.

ولعلها، في لحظة ما، تدرك كل هذا. تدرك أن صورتها تكفي. فتستسلم لها. ولا تجد داعيًا للتمثيل على أحد. ليست مجبرة على إثبات أي شيء.
في عالم غارق في الادّعاء، ربما تكون “الجميلة الغبية” هي الكائن الوحيد الصادق بما يكفي لعدم التظاهر.
هي لا تعرف. ولا تدّعي أنها تعرف.
وهذا، في ذاته، نوع من الشجاعة.

فهل أدافع عنها؟ ربما.
لكن الأرجح أنني فقط أحاول أن أقول: ليس على كل من وهبها الله وجهًا جميلًا… أن تملك رأيًا في الاقتصاد الدولي.
وليس على كل امرأة تُصادفها الحياة… أن تُصبح مشروع أطروحة في الذكاء النسوي المقاوِم.
بعضهن فقط… يُفضلن ارتداء الفساتين. والضحك كثيرًا. وطرح الأسئلة الخطأ، في التوقيت الخطأ، دون أي شعور بالذنب.


وهذا، بطريقة ما، جميل جدًا.

شارك هذا الـمقال