101
هكذا تبدأ الحكمة: أن من لا يزاحمك على رزقك، ولا يقلّدك في حاجتك، ولا يُنافسك في فتات المكانة، يسكن قلبك بلا مجهود. لا لأنك طيب، بل لأنك ترتاح . ولأن الإنسان يحب – فطريًا – من لا يُهدّده. القول المنسوب للإمام عليّ بن أبي طالب: “وازهد فيما أيدي الناس، يُحبك
دون حرج، دون مبالغة، ودون أن نؤذي ونحن نحاول المواساة! قد تكون جنازة، أو سرادق عزاء، أو زيارة لأهل متوفّى في البيت. الحدث واحد: الموت قد وقع، والحزن حاضر، والناس مجتمعة. أنت تمشي إلى المكان وفي رأسك ألف سؤال: ماذا أقول؟ هل أُقبّل؟ هل أُصافح؟ هل أُطيل الوقوف؟ هل أتكلم؟
عن الحضور في زمن الصورة، والحق في الظهور دون امتيازات في الاجتماعات، في الحوارات، في المساحات المفتوحة — سواء أكانت رقمية أو واقعية — يبدو أن الصوت لا يُسمع لأنه صائب، بل لأنه صادر من شخص يمتلك حضورًا. وأحيانًا، يكون الحضور جمالًا. جمال الوجه، أو الصوت، أو الثقة التي تبدو
قابلتُ نفسي صدفة. لم يكن ذلك في جلسة علاج نفسي، ولا أثناء تأمل طويل. بل في موقف بسيط: تأخرت عن موعد، ثم لم أُنجز ما خططت له، وانتهى اليوم بشعور مألوف من الفوضى والتقصير. في تلك الليلة، انتبهت لما قلته داخلي: “أنت لا تصلح لشيء.” جملة قاسية، لم يقلها أحد
ليست كل العلاقات تُبنى لتدوم. بعضها لا يدوم أكثر من دقيقتين. كأن تسأل رجلاً عن طريق، أو تشتري قهوة من شاب يضحك رغم الزحام، أو تجلس بجوار امرأة مسنّة في عربة مترو، وتسمع منها شيئًا لا يخصّك… لكنه يبقى. مودة الغرباء لا تعني العلاقات العابرة بالمعنى السطحي، بل تلك اللمسات
في لحظة ضعف مدني، وبينما كنت أعبر الشارع متفاديًا حفرة، ومُحاطًا بأصوات الكلاكسات، وشخص يبيع الفريسكا بصوت جهوري لا ينسجم مع الخامسة صباحًا، قررت أنني لم أعد أصلح لهذه الحياة. قررت أن أبدأ خطتي الجهنمية: سأنتقل للعيش في كمبوند. لا، لست من مُحبّي المجتمعات المغلقة، ولا أرى في السور أمنًا